From: Dr. Alsadi
Subject: الف تحية وسلام وتهنئة
Date: Sunday, September 7, 2008, 6:28 AM
سيدتي الفاضلة الكريمة وفاء المحترمة
لك مني أحلى التهاني بحلول شهر رمضان الفضيل متمنيا لك اولاً تمام الصحة وثانياً التوفيق بالاستمرارية بجهودك الرائعة التي تبذلينها. ورغم اننا فقدنا الاتصال منذ فترة طويلة فقد ابهجني وصول رسالتك الاخيرة عن سيئة الذكرمرشحة الجمهوريين لنيابة رئاسة هذه الجمهورية الأمريكية -- وطبعاً الطرطورالذي يفترض ان يكون رئيساً لها. وكما ترين اني لا اذكر اسماءهم احتقارا في الواقع لهكذا شخصيات تستطيع تمرير انفسها بقبول او رغم انف هذا الشعب المسكين، كبقية شعوب الارض شعبٌ: " راسه بـالـ ... ورجليه بالطين"،(ومعذرة لاستخدام هذه اللغة فقد زرت معظم اصقاع العالم ولم ارَ حكومة نظيفة الا ماندر، ورحم الله جدتي سَنية التي كانت موسوعة لامثال العراق والعرب). الشعب الذي اراه في امريكا عموما -- بعد معيشة قرابة 45 سنة، لم ارَ وطني خلالها وحيث مات معظم من احبهم من اهل واصدقاء -- شعب طيب وله قدرات هائلة ولكنه اسلم امره باستمرار الى أحقر واغبى واوسخ وأحياناً اجبن مجموعات (ولا بد ان أقول انه تعرض لعملية غسل دماغ شاملة يساهم بها تقريبا كل قطاعات الادارة والثقافة للأسف الشديد، ولاكثر من قرنين، وهو يقترب من الانظمة الفاشية التي فجعت العالم!)، بصرف النظر عما اذا كانوا من هذا الحزب اللعين اوذاك، يقودونه الى تهلكة وسوء سمعة وأذى للغير وتدهور تدريجي مريع . انا لا ارى أمريكا نفس البلد الذي وصلتُ اليه بل ارى بلداً انحطت مستوياته ويمشي حثيثاً الى الحضيض. ربما كان هذا ما يستحقه!؟ ومرة أخرى جدتي:" بايدي جرحت ايدي وسموني جريح اليد." ايــه دنيا!ا
اعود اليك عزيزتي لأهنئك بحرارة على هذه الطاقة الرائعة التي حياك بها الله مع ذكاء المعي ورغبة في تقديم اجمل ما استطعتِ لأخوتك ابناء البشر اينما كانوا. كم اعجبني لقاءك بآرا خاجادور ومقابلتك لمؤسسي مدرسة الموسيقى والباليه في بغداد والمواضيع الاخرى على اليوتيوب التي ظهرت معهما، وقبلها تتبعك ليهود العراق ... وجهودك الاخرى دون كلل والتي على صعوبتها وتكاليفها لا تثني من عزيمتك واقدامك. دعيني اقول انا فخور بك كإمرأة قديرة، كإمرأة عراقية تحدت ظروف بيئتها المتأخرة، ان لم اقل العفنة، ومشت بخطى واسعة الى مشرق الشمس ومنابع الضياء. دعيني اشد على يدك وادعو لك بتمام الصحة وبالتمتع بطاقة نفسية وجسدية كافية لك على المضي قدماً في مساعيك النبيلة. واود ان اقول لك انك تملكين كذلك صوتا جميلا ولهجة بغدادية حلوة محببة، ولو اني لم اجد ماتلطفت به من سي دي عن اغانيك وقصائدك، وانقل لك هنا ما جاء على هامش رسالتك. ولكنتُ عندئذ استمتعت اكثر بصوتك الرخيم
featuring wafaa's songs in Arabic and poems in English
انا ايتها العزيزة لا شك اكبر منك سناً وكما يقولون "لجت عكا ومكة" بسبب وظائفي سابقاً كإقتصادي للبنك الدولي وكرئيس خبراء للأمم المتحدة، ورأيت قارات وتحادثت مع قادة وموظفين كبار لعدة دول وعشت خلال هموم وأتعاب، ومزقتني مجاعات مرت بها بعضها. وطرت فوق وطني عشرات المرات في طريقي الى الشرق الاقصى دون ان استطيع رؤية أحبتي، تملأ الدموع عيناي كل مرة. واستقر بي المقام في كاليفورنيا الولاية التي أحبتني برعايتها واكملت فيها دراساتي العليا، وتقاعدت فيها اخيراً. اقول ذلك لاني على مابذلته من دراسات وجهود اجد نفسي قاصراً بالمقارنة معكِ لانكِ، وكما أرى، لديك الهام الفنانة، ومعرفة المهندسة، وفطنة العالمة السياسية التي هي فعلاً انتِ ! وعندما تجتمع هاتيك الصفات ليس لنا سوى توقع سيول الإبداع وجمال الأوضاع. وها انتِ قد حققت الكثير وماشية الى ماهو افضل في هذا المصير . وما دام الحديث عن السياسة فلي كلمة قصيرة عن الحال المزري الميؤوس منه تقريبا في عراقنا التعيس: الاحتلال قتل العراق وخربه وخالف كل القوانين والاعراف الدولية، عن قصد وسبق إصرار، ولشديد الأسف دون عقاب! اتذكر اني لما كنت في سنتي الثانية عشرة طالباً في كلية الملك فيصل الاول الانكليزية بالاعظمية قرب المقبرة الملكية ارادت حكومة صالح جبر في حينها تجديد امتياز قاعدة الحبانية الجوية بمعاهدة بورتسموث اللئيمة. فكانت كليتنا، كلية اولاد الذوات واذكياء الطلبة لا مدحاً، بل كان الواقع، لان متخرجيها كان يفترض ان يكونوا من صفوة المتخرجين من الإبتدائية ، ليذهبوا بعد خمس سنوات فيها مباشرة وبدون استثناء الى انكلترة لاكمال دراساتهم والعودة لخدمة اسيادهم الإنكليز! النكتة أن معظمهم اصبحوا ثوريين من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، واغلقت الكلية بعد الوثبة وتم توزيعنا على المدارس الثانوية في انحاء بغداد وغيرها -- تقابلها كلية بغداد الجزويتية الامريكية والتي اضيفت لها جامعة الحكمة بعدئذ) الذين لم يتوانوا ان يشعلوا فتيل وثبة كانون الثاني 1948(تراوحت اعمارهم بين احد عشر الى ستة عشرسنة!). ومعركة الجسرشهيرة، قتل فيها من جملة من قتل فرات، اخو شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري، والذي رثاه في تشييعه وبقية الشهداء بقصيدة عصماء:1
اتعلم ام انت لا تعلمُ بأن جراح الضحايا فمُ؟
وسمي بجسر الشهداء بعدئذ. والوثبة وضحايا التعسف في ظل الحكم الملكي أسقطت حكومة جبر والمعاهدة معاً. وجيء بالسيد محمد الصدر رئيساً جديداً للوزراء تهدئة للأحوال. والآن أجد الاحتلال المجرم الارعن الكريه يطالب بـ 58 قاعدة في العراق وكأن لم يكفهم هدمه تماماً بعد ان فلشته من قبلهم أحزاب سياسية تبعتها أخرى دينية، قسم منها صنعته مخابرات دولهم الاجنبية قبل ستين عاما أو نحوه، تزامناً مع انشاء دويلة الصهاينة النازية لغرض شق أمة العرب -- ونجحوا في ذلك بما فاق التصور الامبريالي بقفزات. واليوم ابناء الهرمة يريدون 58 قاعدة وهناك من يفاوضهم عليها بدلاً من ان يقولوا لهم: "الباب توسع جمل" (جدتي المرحومة ثانية!) والا لكم فيتنام اخرى... احيانا اقول تبا للعراق والعراقيين فقد ملؤوا قلبي قيحا وانا على باب قبري!1
أحر تهانئي لكِ ثانية. ورجائي ان اسمع منك وعنك الكثير فقد رفعت رأس المرأة اينما كانت عموماً (تذكريني بالمعمارية العراقية زهاء حديد حفظها الله وحفظكِ) والمرأة العربية والعراقية خاصة. لك مني اطيب التمنيات واحلى الشكر راجياً ان يكون رمضانك مسراً بهيجاً وعيدك سعيداً، وان توفق جهودك دائما الى الرفعة والمعزة!!!1
الدكتورعقيل السعدي
/////////////////////
بعد أن نشرتُ تعليقاتي بخصوص سارا بيلن في الرابط أدناه ، استلمت رد عقيل السعدي :ا